حين يقرأ العامل سورة يس…

3 سبتمبر 2025
حين يقرأ العامل سورة يس…

بقلم:ابو هيثم

في موسم أبي الجعد، لم يكن المشهد بروتوكوليًا عاديا. عامل الإقليم الجديد، مولاي هشام المدغري العلوي، جلس يستمع إلى المديح والقرآن، دون أن تفتر شفتاه عن ترديد كل آية من سورة يس. تلك ليست حركة عابرة، بل إشارة إلى خلفية دينية صافية، وتربية صوفية أصيلة، كيف لا وهو سليل البيت المدغري الذي حمل لعقود مسؤولية الحقل الديني، تأطيرًا وتدبيرًا.
المشهد كان صوفيًا بامتياز، لا يدركه من نصب نفسه “خبيرًا في الشأن الديني” بعد مشاهدة مقطع على يوتيوب أو قراءة منشور بنصف فهم. هنا، تنتقل تعاليم الأجداد وأسرار الأولياء وأنوار الزوايا، مما تنتقل السلطة. السلطة الإقليمية أدركت بحكمتها وحنكتها وصوفيتها أن الزاوية الشرقاوية لم تكن مجرد فضاء روحي، بل مؤسسة حافظت على القرآن جيلا بعد جيل، وورثت الخلافة الصوفية كما تُورث الأنوار والفتوحات.
لم يكن المجال الصوفي ملعبًا للهواة ولا ساحة للغوغاء. بقدرما كان فضاء للقرار العميق، حيث تجلس الدولة لتدير بوصلة الشرعية الروحية، لأن من يفهم خريطة التصوف يدرك أنه ليس طقسًا فولكلوريًا، بل جزء من معمار السلطة في المغرب. وهنا تكمن رمزية البداية: عامل جديد يفتتح مساره من الزاوية، في مشهد يدار على طاولة كبار رجال الدولة، لا على صفحات التعليق في فيسبوك.
في السياسة كما في التصوف، الأصل هو الأصل… ومن يبدأ من يس، يدرك أن الطريق ليست للهوى ولا لشيطان غوى او ناعق عوى، بل الفضل لصوفي المسلم والهوى، لاشعري العقيدة على مذهب الإمام مالك وتصوف ومسلك الجنيد السالك المنجي من المهالك …
والصوفية والتصوف تصرف وذكر مع اجتماع ، ووجد مع استماع، وعمل مع اتباع ..
وصوفي الهوى كالارض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها الا كل مليح…
لان التصوف تدريب للنفس على العبودية لردها طوعا لاحكام الربوبية …والتصرف إعراض عن غير الله وإعراض عن الأعراض، وعدم شغل الفكر بذات الله والتوكل على الله …الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق
جميل المنازعة، قريب المراجعة، لا يطلب من الحق الا الحق، ولا يتمذهب الا بالصدق…ضحكه تبسم، واستفهامه تعلم، مذكر للغافل ومعلم للجاهل، سماته سمات العاقل: ‎مشغول بفكره مسرور بفقره، لا يكشف سرا ولا يهتك سترا ، لطيف الحركة، نامي البركة، طويل الصمت، جميل النعت، لا يكون عنده جحود، ولا لنار الحق خمود ، لا هو باللجوج ولا بالكنود ولا بالحقود…، لا ملولا ولا عجولا، قليل التذلل، كثير التحمل ، قائم بالاحسان، حفي بالضيفان ويأمن بوائقه الجيران ، لا يبخل بموجود، ولا يتكلف لمفقود.. لا سبابا ولا مغتابا، لا نماما ولا ذماما ، لا حسودا ولا كنودا …له لسان مصون وقول موزون وقلب محزون..
لقد كان مسلكه وروح طريقه الادب وسر طريقه إلى قلوب الناس المحبة وهي مبلغ الأرب…
وأركان الطريق ذكر ومذاكرة ومحبة واجتماع ..لولا المربي ما عرفت ربي …
الطرق كلها مسدودة الا على من ابتغى اثر الرسول واتبع سننه في الفعل والقول ..
من ردد سورة يس من ألفها إلى يائها والفتها جوارحه لله بالتاكيد لسان مصون وقول موزون وقلب محزون..
منذ الوهلة الاولى لدخوله ضريح الولي الصالح والقطب الرباني الواضح والشيخ الناصح، بدأ التجلى، ببدء التحلي وتمام التخلي، وتحبير آي سورة ياسين بين الناس عن ظهر قلب وبقلب مفعم بالاخلاص، والأنس بالله ونور وليه الساطع والترفع عن الواقع وعن المواقع، ويحل النور ، ويذهب الزور عمن يزور .

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.


Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept